خطاب الكراهية والتشهير والقذف في وسائل الإعلام المغربية
تزايد خطاب الكراهية والتحريض في وسائل الإعلام المغربية التابعة للسلطات البوليسية والتي تتلقى إمكانيات مالية هائلة من أجل تأدية مهمتها المتمثلة في التشهير والقذف في حق أي شخصية معروفة لدى الناس بصفة عامة وفي حق الصحافيين بصفة خاصة، فقط إذا حاولوا التساؤل عن جدوى بعض السياسات العمومية مهما كانت الطريقة ولو كانت بشكل محترم جدا، فما بالك إذا كانت معارضة أو انتقادا لسياسة عمومية ما.
إن المهتم بالشأن العام في المغرب يعرف جيدا كيفية عمل الأجهزة البوليسية في المغرب، أو ما يطلق عليه أحيانا بالمخزن البوليسي، وصفة البوليسي لتمييزه عن الأوجه الأخرى للمخزن، يعرف أساليب هذا المخزن في سعيه لقمع حرية التعبير لمعارضي السياسات العمومية وبالتالي عزل كل من يرغب في المساهمة برأيه في النقاش السياسي الهادئ المفترض في كل دولة تريد أن تتجه نحو الديموقراطية والتنمية والقضاء على الإرهاب، عزله عن قاعدته الشعبية، كتمهيد لاسكاته بصفة نهائية أو تلفيق التهم له من أجل إقصاءه من الساحة الصحفية أو السياسية، هذه التهم غالبا ماتكون ثقيلة تصل العقوبة عليها في بعض الأحيان إلي عشرات السنين، وهو ما يعني التخلص منهم نهاءيا وإقصاءهم بوسائل خسيسة من المشهد العام.
لقد أخذت هذه الظاهرة أبعادا خطيرة في الآونة الأخيرة والحالة لا تبشر بالخير كما أنها تصدر عن جهاز لدولة تقول عبر حاكميها، أنها منخرطة في الإنتقال الديموقراطي التدريجي في المغرب، وهي مزاعم تفندها الممارسات التي تبث الكراهية وتستعمل التشهير والسب والقذف لتهديد المخالفين في الرأي. كيف يمكن لانتقال إلى الديموقراطية أن ينجح ومن بيدهم القوة القهرية للدولة يستعملونها في قمع الآراء المغايرة لآرائهم؟
تشتغل وسائل الإعلام المجندة من طرف الأجهزة البوليسية في المغرب، على سمعة الأشخاص، وتستغل وضعية النقص في المستوى الثقافي والتفكير النقدي لدى أغلبية الناس، لتبدأ بالتشهير والإتهام الواضح وبالأسماء والصوربشتى أنواع التهم، بالأضافة إلى السب بالكلمات الدنيئة، يواظبون على فعل ذلك، مستعينين في هذا بتجنيد أشخاص لا يبالون بأي أخلاق وأغلبيتهم لم يدرسوا لا الصحافة ولا أي دراسة أخرى، كما أن الوضعية المزرية التي يتواجدون فيها تشكل نقطة ضعف تستغلها الأجهزة البوليسية المغربية التي تجندهم. أحيانا يقومون بهذا التشهير والدعوة الى الكراهية لأيام، أحيانا شهورا وأحيانا يدوم هذا التشهير حتى سنوات. يراهنون في هذا على التدمير النفسي لأصحاب الآراء المعارضة وفي نفس الوقت عزل الصحافيين أو أصحاب الآراء المختلفة عن أي تعاطف شعبي واسع، ليسهل عليهم بعد ذلك اعتقالهم وتلفيق تهم جاهزة لهم وإقامة محاكمة صورية تنتهي بسنوات طويلة من السجن في حقهم.
توفر الأجهزة البوليسية على أجهزة إعلامية مُدعَّمة رسميا من طرف الدولة، له نتيجة أخرى تساهم في إضعاف الصحافة المستقلة، وهي السبق الصحافي. فأن يتواجد المشتغلون مع هذه الأجهزة الإعلامية في نفس الوقت ونفس المكان الذي تتم فيه عملية اعتقال الصحفيين المغضوب عليهم من طرف الأجهزة البوليسية، علما بأن الشخص الذي يتم اعتقاله هو بنفسه لا يعلم بهذا ولا يتوصل بإشعار، لا يمكن تفسيره إلا بعمل الأجهزة البوليسية يدا في يد مع الأجهزة الإعلامية التي تشتغل لصالحها.
كما أن الناس صارت تتهافت على هذه الأجهزة الإعلامية حتى ولو كانت مبدأيا ضدها نظراً لسبقها الصحفي، مما يدر عليها مبالغ مالية هائلة، بالإضافة إلى الدعم الذي تتلقاه من الدولة، بينما تُحرم الصحافة المستقلة، على قلتها، من أي دعم.
إن هذه الظاهرة التى تناولناها في هذاالمقال ليست الوحيدة في نوعها، بل هناك أساليب كثيرة أخرى ناتجة عن إفلات الأجهزة الأمنية سواء للمراقبة البرلمانية أو أي نوع من السلطة المضادة. فهي تخضع لأشخاص يعينهم ملك المغرب، الذي يمنع مناقشة قراراته وكنتيجة لذلك لا توجد طريقة من داخل القانون والدستور المغربي لإنهاء العبث الذي يشهده المغرب.
الكثير من المحللين للوضع في المغرب يعتبرون أن الدولة المغربية ماضية في فرض المزيد من السلطوية والديكتاتورية والتخلص التدريجي من وعود الديموقراطية التي عبرت عنها الجهات المسيطرة على الحكم بعد أن كانت قد أحست بتهديد حقيقي من الإنتفاضات التي عرفها المغرب والدول المحيطة له في سنة 2011 ، الا أنه من جهة أخرى هناك احتقان وتذمر في شرائح واسعة من المجتمع، واصبح انعدام الثقة في المؤسسات يزداد. فهل سيكون هذا سبب انفجار قادم؟ أم أن الأجهزة الأمنية لها وسائل أخرى ستمنع حتى هذا الأنفجار الذي عادة ما يتبع الضغط؟
- moha
working @ norafpost